التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نصوص شعرية



حمى الإشتياق 

بقلم الروائي و الأديب 
سالم عكروتى (أبو عيسى )تونس
                                         

       

الوله الأعمى  ..
مسافات بعيدة ..
بين ضنك البعاد  ..
وعلة الفراق ..
أراك أيتها الروح المسافرة
وأنا على الربوة أرقب ..
حنينا يضج به صدري  ..
بين المسارات ..
ومسارب العشق الممنوع 
ترتكب كل الخطايا ..
والمساءات الجميلة ..
تنحت روايات ﻻ تنسى
وتمشي على الخطى
قهقهات ثملة ..
و إتكاءات عرجاء
في منعطف الحياة
هناك يلوح الضباب
وتترسم الصورة
وأزحف عشقا ..
خلف الضباب ..
لأضم التفاصيل البريئة
وأختطف إبتسامة من ثغر الفجر
أصنع منها ربيعا ..
وباقة زهر ..
أصنعها من أصابعي ..
بأصابعي ..
أهديها لوطن يتيم ..
أحتفل مع الطيور المهاجرة ..
بمهرجان البكاء ..
تحتويني القاطرة ..
تسافر بي ..
إلى مجهول ..
بقضم صبري ..
تلوح يدي ....ليداك
ونصف إبتسامة ..
طعمها ..ملح
صغيرتي ....في وطن كسيح
هل لنا لقاء ؟؟
.. علم الله ..


صور في ذاكرة متعبة

بقلم الروائي و الأديب 
سالم عكروتى (أبو عيسى )/تونس
                                              



إستقرت الخيمة (القيطون) ،على أرض رطبة مرتفعة قليلا ، إتقاء  لسطو السيول والريح ،جاهدت الأم الصامدة أن تسندها بساتر من التراب وبعض من العشب وأغصان الزيتون اليابسة ، لتكون سوارا وحاجزا ، هكذا كانت خيمتنا ومستقرنا الأخير في رحلتنا لجني الزيتون . غير بعيد أسست خيمات تشبه ما صنع أبي وعائلات يشاركننا في الحوج والفقر، لا نعرفهم لكن حبل من الود إستوصل بيننا  ، لنكون قافلة تجمعنا أواصر قرابة الهجرة والترحال ، من كل حدب إلتقينا  ، تدفعنا موجة من الجوع ، أتت بنا إلى هذه البقعة من الأرض ، لنصنع كرنفال الشقاء وإلتماس كسرة خبز نظيفة ورغيف خبز من آيادي الفقر الممتدة إلينا كل حين ،عائلات لهم نفس ألواننا ، صبر ، وصمت وحزن عقيم.
الفجر يلوح ، الأم بإرتباك وتعثر تستفيق على صوت (النائب) ينادي حد الصراخ
_ إستفيقوا ، إلى العمل ، جهزوا أنفسكم ، الأرض لا تستقيم لنائم .
... توقظ أبي ،ينهض أكثر إرتباكا ، يشعل سجارة ويسعل كثيرا ،يحملق في جوانب الخيمة، يستقيم واقفا ، يتوَضأ  ،  يصلي ، رجاءا، دعاءا ، وتبدأ رحلة العبث الأخيرة ، آآه أيتها الدنيا ، تصادرين أمانينا، تمشين على جراحنا المفتوحة ، تقتلين الأمل قبل أن يولد .

...... أمي توقد نارا ، تعالج دقيقا ، تستوي كسرات خبز ، تسكب زيتا في إناء عتيق. مضغات خبز يلوكها أبي مرات ومرات يشعل سجارة أخرى ، ينظم إلى قافلة العملة خلفه أمي تمشي بإستحياء ، النائب بجدية ظاهرة وبعض من الكبرياء يعلن بداية العمل ، كل في مكانه وكثير من الصراخ واللغط المقيت، الرجال يتسلقون السلالم بأصابعهم قرون كباش(الصوانع)،عولجت لتصبح أدوات للجني بين همة العمل ومزاح كثير وترانيم رخيمة تصدر من أحد الرجال متغنيا بعشيقته وحبات الزيتون الجميلة تنساب بين أصابعة خيرا مدرارا، النسوة أسفل شجرة الزيتون المباركة ، ينصبن الفرش ويلتقطن ما حاد من حبات الزيتون ليملأن (الشكائر) بين همسات صامتة وضحكات رائعة وصوت إحداهن ينطلق خلسة فيه من الروعة والجمال يتغنى بالحبيب و لوعة الهجر والبعاد .

كنت أرافق أمي في حلها وترحالها ، أراقبها وأستأنس بقربها ، أتلهى بإحتفاليتهم وهم يصنعون أغنية الزيتون ، أنا الفتى الصغير ، لا أبالي ما يجتره أبي وأمي من قهر الفقر والحوج المقيت ، بدت لي الدنيا رائعة وجميلة وانا في رحاب أب رأيت فيه كل العالم مملكتي وأم صنعت لي من الفراغ إمتلاءا كله حب وحنان و َأمن مستديم .

يتبع





إحتمالات 

بقلم الروائي والأديب/
فادي حسن / سوريا 




من الصَّعب
أن تتذوَّق اللَّحظة بطرفِ لسانكَ
أن تملأ كفّيكَ بالضّوءِ والقرى
فالهالةُ خِتانُ العتمةِ
والممسكون بحبالِ الطّينِ
يجدِّلون الإحتمالات
يمسكون المطرَ ويطوونهُ كالأفتاتِ المثقوبة.

سأستدرجُ المشهدَ
كمخرجٍ تخرَّجَ توًّا من معهدِ العُميان!

إحتمالٌ أول
مقهىً منزوٍ كإوزَّةِ المستنقع
وسيَّدةٌ قصيرة بطولِ العتبِ بين (فيروز ونصّري شمس الدِّين)
تقوّمُ أسنان الينابيع
وتصحَّحُ جريان اللَّحن في جسدِ الأغنية
ونادلٌ يقلِّبُ زُغبَ التَّثاؤب في فنجانِ الشَّاي!
المقهى ممتلىءٌ بها، وفارغٌ منها

(أدرْ الكاميرا ووثِّقْ لحظةَ تحطُّم ملامحَ الموقفِ كحباتِ قمحٍ في جُرنٍ واحدٍ)

يبدو أنَّها مصابةٌ بالنسكافيه
وتكره لاعبي المُفضَّل.. ليونيل!
تحرثُ الشِّتاء وتخبّئُ بذور الأحاديث تحت لسانها.
والنادلُ غبيٌّ بما يكفي
ليحصدَ عورةَ ملاءة الطَّاولة!

إحتمالٌ ثانٍ
خطأٌ في وصفِ ليلة الإسراء والمعراج!
فمن الصَّعب جدًّا
أن أصدقَ أنَّها لم تكن في السَّماء التَّاسعة
تراقبُ نموَّ السَّرخس على أهدابي في غيابها.

إحتمالٌ ثالث
خطأٌ طبّي مقصود في تشريحِ جثة الموقف
فكيفَ لطبيبٍ متمرِّسٍ أن ينسى بذار أصابعها السَّمينة في قلبي؟!
لتصبحَ روحي شجرة كمَّثرى
تتقافزُ الدُّموع فيها كالقردة!

إحتمالٌ رابع
لأدفعنَّكَ معي خارجَ الكادر
أنا العدسة
وأنت طريقُ الثالثة فجرًا
راقبِ اللَّيل وهو يقوم بدوره المُرتجل
ووزِّع الأدوارَ كعذارى النَّوم وهنَّ يجمعنَ الكمأ
من صدرِ الحرمان.
ستقتلك بلاغتكَ إن حمَّضتَ الصّور بتجلِّيات المشهد
قف هُنا
بإتِّجاهِ الذِّكرياتِ قليلًا
خمسةُ سنتيمتراتٍ يسار اللِّقاء الأوّل
قرِّبْ قدم نظراتكَ إلى محاذاةِ الصَّمتِ
ارفعْ جِذعَ حسراتكَ نحو المُطلق
نعم هُنا تمامًا
ماذا ترى؟
إحتمالٌ خامس
كأنّي الحانةُ الأكثر شربًا لذاتي!

من الصَّعبِ جدًّا
أن تسمعَ رنينَ الدَّم والحياةُ تفطِمُكَ وحيدًا
كشامةٍ في أسفلِ ظهرِ الرِّيح
تتبرجُ أمام الأسماء
وتفضحُ عورةَ هبوبها للمرآة

إحتمالٌ عاشر
مللتُ هذا النَّصّ الطَّويل



إحتمالات / الروائي والأديب/ فادى حسن



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزياء الشعبية السودانية - الزي الرجالي

بقلم / سناءحامد إلياس  تختلف أشكال الزي الرجالي   بإختلاف الأقاليم و المناطق داخل السودان و لكن حديثنا سيكون عن الزي المتداول على أوسع نطاق .                     ( الجلابية  ) تصنع من القماش و هي فضفاضة ذات أكمام واسعة و ذلك لدخول الهواء و التبريد و جيوب على الجانبين و ذات فتحة أمامية و تغطي كامل الجسم بقامة الرجل . تتشابه في كثير من أقاليم السودان و أيضآ الغالب الأعم فيها اللون الأبيض قديما و قماشها قطني . فالسودان كما هو معروف يقع في منطقة حارة تحتاج إرتداء الأزياء القطنية التي تناسب هذه الأجواء . و هناك نوع آخر من الجلاليب  تثبت عليه الجيوب أعلى الصدر و الظهر ، و تبدو الجهتان الأمام  والخلف بنفس  الشكل ، و لهذا حكمة فعندما ينادى للنفير الذي يستوجب سرعة الإستجابة  فيرتديها الرجل بسرعة لتلبية النداء و يكون وضعها صحيحا . و هناك لباس آخر هو :                   (العلى الله) و هي عبارة عن قميص أقصر من الجلابية ،   ومعه سروال يصل إلي أخمص ...

قصة أغنية.. عشرة الأيام

 إعداد/ وصال صالح  تعتبر أغنية (عشرة الأيام) من روائع الغناء السوداني الحديث ومن أجمل الألحان التي قدمها العملاق عثمان حسين مع رفيق دربه الشاعر الفذ عوض أحمد خليفة.. خطوبة شاعر ولعشرة الأيام تحديداً قصص وحكاوي سردها فيما مضى الراحل عوض أحمد خليفة، إلا أن النواة الحسية والمعنوية لميلاد (عشرة الأيام) كانت خطوبة شاعرها من إحدى حسناوات أمدرمان التي أعجب بها إيما إعجاب، وبعد أن تقدم أهل وذوو الشاعر بالخطوبة لتلك الملهمة تم القبول والتوافق بين الأسرتين، إلا أن هنالك مستجدات طفت على السطح وهي سفر خليفة لأوروبا في بعثة عسكرية تأهيلية وقتها أحس أهل المخطوبة بأن ذلك المشروع سيأخذ وقتاً طويلاً يحسب من عمر الفتاة، وبعدها ساقت المقادير الموضوع برمته إلى هاوية الفشل والضياع حتى تقدم أحد أقرباء الفتاة وتمت الخطوبة ومن ثم الزواج وكل ذلك وعوض بأوروبا لذلك قال في بعض أبيات القصيدة (ليه فجأة دون أسباب ومن غير عتاب أو لوم – اخترت غيري صحاب وأصبحت قاسي ظلوم).. ترجمة (لايف) الأغنية كانت بمثابة شاهد إثبات على حساسية عوض الشاعرية العالية وإمكاناته الفنية المهولة فقد كتب الأغنية ولحنها وغناها وهو...

مرثية الشاعر /صلاح أحمد إبراهيم في صديقه الروائي / علي المك

معد المحتوى  / أ.عواطف إسماعيل/ لندن  الشاعر / صلاح أحمد إبراهيم  الشاعر الدبلوماسي صلاح أحمد إبراهيم ينعي صديقه   وصنو روحه البرفسور الروائي القاص والناقد علي المك  ولد علي محمد علي المك في مدينة أم درمان في ١٢ فبراير من عام ١٩٣٧م وتوفي في مدينة نيومكسيكو . تخرج في كلية الآداب جامعة الخرطوم وحصل على الدراسات العليا في جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية . الروائي/ علي المك  في هذه القصيدة  نعى فيها البروفسور صلاح أحمد  إبراهيم صديقه علي المك من ديوان (نحن والردي) مدينته الآدمية مجبولة من تراب يتنطس أسرارها واثب العين منتبه  الأذنين يحدث أخبارها هل يرى عاشق مدن في الحبيب أي عيب؟ مدينته البدوية مجبولة من تراب ولا تبلغ المدن العسجدية مقدارها تتباهى على ناطحات  السحاب بحي سما أصله لركاب فاح شذى من "على" حين غاب جرت وهي حافية، في  المصاب تهيل الرماد على رأسها  باليدين تنادي على الناس:  وآحسرتا ويب لي   ويب لي  فقدنا الأديب، فقدنا النجيب، فقدنا اللبيب، فقدنا "على" فقدنا الذي كان زين  المجالس، ز...