الثوب السوداني
إعداد المادة : الأستاذ / الطيب محمد الحبيب
لبنان
يعتبر الثوب السودانى الزى القومى للمرأة السودانية .
ويرتبط بالكثير من الحكايات والقصص ، التي تعبر عن ملامح ، تفيد في خدمة رؤى المحللين المتخصصين الذين درجوا على تحليل الشخصية من خلال الزي الشعبي والقومي .
إنتشار الثوب السودانى
لا ينحصر الثوب السوداني الآن ، في محيط مدن ومناطق السودان فقط ، فهو يحظى بشعبية كبيرة في دول كثيرة بالمنطقة، إذ ترتدي نساء تلك الدول، ثيابا نسائية متنوعة الأشكال والتصاميم ، وذلك في موريتانيا ، جيبوتي، الصومال، بعض من نساء المغرب (البوليساريو). وأيضاً في الهند. وطبعاً يترافق ذلك مع وجود اختلافات طفيفة في طريقة الارتداء والخامات والألوان .
لم ينل الثوب السوداني هذه الشعبية بشكل عبثي ، فميزاته الجمالية والعملية ، أفضت إلى قدرته على تحقيق هذا الانتشار الكبير، وتفضيله من قبل النساء في تلك الدول .
وهو يشكل روح جمالية خاصة ، في فسيفساء أنواع الفنون الإبداعية لمختلف الأذواق والأعراق والثقافات والجهات المكونة للنسيج التراثي .
تاريخ الثوب السودانى :
يرجع تاريخ الثوب السوداني إلى الحضارات القديمة ، وذلك منذ ميلاد الحضارة البيجراوية . أي إلى أربعة آلاف عام قبل الميلاد ، وكذلك الحضارة الفرعونية والمروية ، حيث كان خاصاً بالملكات- الكنداكات - في ذلك الزمان .
وكانت له تصاميم وخامات وزخارف تزينه، الا أن طريقة تصميمه وأسلوب ارتدائه تطورا عبر الأزمان ، حتى وصل الى شكله الحالي .
أثبتت بيانات ودلائل أثرية، أن السودانيين قد عرفوا صناعة المنسوجات القطنية منذ آلاف السنين، وذلك ما تؤكده مجموعة حفريات من حلقات حجرية كانت تستعمل كأثقال في عملية النسيج، وتوضع على أنوال رأسية، ما يشير الى قدم المنسوجات القطنية .
وعلى رأسها الثوب السوداني ، الذي يتميز بأنه جزء من التراث والتاريخ ، ومرتبط بالعادات والتقاليد وطقوس الزواج والفرح والحزن ، فضلاً عن أنه يستر الجسد ويتناسب مع المناخات الحارة، بتشكيلاته وخاماته وألوانه المختلفة .
يمثل الثوب السوداني ، الزي القومي المميز للمرأة السودانية ، في كافة المناسبات والمحافل العامة، وهو أحد معالم الانتماء للوطن . ويتم إرتداء الثوب عن طريق لفه على الجسد ، ويبقى جزء منه يغطي الرأس. وتحرص المرأة السودانية على إرتداء فستان أو تنورة وبلوزة تتناسب مع لون الثوب والحذاء وحقيبة اليد لتكتمل الأناقة مع الاكسسوارات الأخرى.
يحتل الثوب السوداني حجر الزاوية الإجتماعي ، لإرتباطه بطقوس دورة حياة المرأة
فى الولادة والزواج والفرح، وانتهاء بالموت والحزن.
وتعبر أنواع وموديلات وأسعار الثياب عن الوضع الاجتماعي و
الاقتصادي للمرأة. ومن ضمن التحضيرات لمستلزمات الولادة، تهتم المرأة السودانية بالثياب ذات الألوان الزاهية لترتديها اثناء الولادة ، تمثل في الأحمر بمشتقاته المختلفة، والمرصع ببعض الحلي الذهبية والفضية ، بجانب اختيار الألوان الزاهية لبقية الثياب الخاصة بالعروس.
ترتدي المرأة العاملة الثوب الأبيض الخالص، وأحياناً تتخلله ورود ونقوش ملونة . وفي حالة وفاة الزوج، تواظب الزوجة على ارتداء الثوب الأبيض المصنوع من القطن الطبيعي طيلة فترة العدة، ويمثل رمزاً للحزن والحداد، على عكس ماهو متعارف عليه في العالم بارتداء الثياب السوداء أثناء فترة العزا
مواصفات
يبلغ طول الثوب التقليدي خمسة أمتار، بينما يتراوح طول الثوب الحديث (الربطه) ، بين أربعة إلى أربعة ونصف من الأمتار.
ولكل نوع من الثياب مناسبة بعينها . فمثلاً يفضل الثوب المصنوع من قماش التوتال المشجّر للمناسبات العامة ؛ ويلبس فى ساعات النهار .
أما الثوب المصنوع من الحرير فهو للسهرات . وتوجد أنواع أخرى هي مخصصة للبيوت، أو للعزاء أو تلك التي هي لزيارة الجيران . وتشمل الخامات القطن والحرير والبولستر والشيفون .
والسادة والمشجّر والمطرز والمطبوع والفردة الشرقاوية وغيرها الكثير. كما يتميز بعضها برسومات مبهرة وألوان زاهية وحيوية وهادئة. وتطورت صناعة الثوب السوداني كثيراً.
كما اختلفت تصاميمه وألوانه وأشكاله، حسب الأذواق والأمزجة .
التصنيع :
تعد المصانع السويسرية، رائدة التصنيع للثوب السوداني ، وبمواصفات عالية ونوعية ممتازة وبأسعار ، باهظة وتغطي منتجاتها حوالي الـ 80% من الأسواق السودانية والخليجية.
وكذلك مصانع عبد الصمد في مدينة لندن البريطانية منذ ستينيات القرن الماضي، والتي تصنع «رسالة لندن» و «ابو قجيجة» . وأخيراً اتجهت اليابان وايطاليا والهند والخليج لتصنيع الثوب السوداني، وهذا الى جانب التصنيع المحلي لثياب «النالة» والموهوب والسفيرة والفراد والأنواع الأخرى .
أسماء الثياب :
لم تكن هنالك جهة محددة ، مناط بها إختيار وإبتكار أسماء بعينها للثوب السوداني . وتاريخياً، وحسب الباحثين الذين قاموا بعملية التوثيق ، أشاروا الى ان أسماء الثياب مرتبطة بالأحداث الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والشخصيات العامة. ويقوم بالترويج لها التجار والمجتمع النسوي .
وعلى سبيل المثال لا الحصر، كانـت من أبرزأسماء الثوب السوداني في الخمسينات من القرن الماضي ، هي «الاستقلال» تيمناً باستقلال السودان و «العلم»، و«عيون زروق» (منسوب إلى مبارك زروق المحامي، والذي كان وسيماً ونجماً سياسياً، ومن أقطاب الحزب الاتحادي الديمقراطي آنذاك). وفي الستينيات من القرن العشرين ، ظهر ثوب «الكادر» الذي إرتبط بالنهوض الإقتصادي وإتساع دائرة العمالة بين النساء ، إبّان تولّي الشريف حسين الهندي وزارة المالية في السودان . وفى ثورة ديسمبر المجيدة ظهر ثوب ( تسقط بس ) .
فنانو تغنوا للثوب السودانى
تغنى العديد من الفنانين للثوب السوداني ، ومن بينهم الفنان الموسيقار محمد وردي في أغنية (يا بلدي يا حبوب) . وكذلك الفنان أبو عركي البخيت في أغنيته (شفت التوب) . والفنان علي ابراهيم اللحو في أغنية (شوف عيني الحبيب بحشمة لابس التوب) . وقد أكدت هذه الرمزية الغنائية، مكانة الثوب السوداني المميزة ، ضمن منظومــــة التراث الشعبي السوداني.
تعليقات
إرسال تعليق