التخطي إلى المحتوى الرئيسي

🎸وتريات 🎸 آلة الطمبور🎸

🔹️ إعداد  : أ. نجاة سعيد 


آلة موسيقية شعبية وحدت الوجدان السوداني بأنغامها الدافئة .
من بين جميع الآلات الموسيقية التي يعرفها السودانيون يبرز الطمبور كآلة وترية تمكنت ، على بساطتها، من أن تعبر عن وجدان السودانيين وتدلل على ذوق موسيقي رفيع ؛ تعكسه لقاءات الأهل والأصدقاء للإستماع لعزف الطمبور بالسلم الخماسي الذي إشتهر به موسيقيو السودان.
ويعتبر الطمبور من أشهر الآلات الموسيقية الشعبية المنتشرة في السودان ، ويعتمد في صناعته على مواد من البيئة المحلية ، وإحتلت موسيقاه حيزا كبيرا من الساحة الفنية خاصة في الآونة الأخيرة . ورغم الإنطباع السائد أن مناطق شمال السودان هي مناطق إنتشار الطمبور ، إلا أننا في الواقع نجده حاضرا في كافة أنحاء البلاد بما فيها الجنوب الذي أصبح دولة قائمة بذاتها بعد إنفصاله عن شمال السودان ، الشيء الذي أعطى هذه الآلة تميزا واضحا دون الآلات الأخريات ، مما يجعلنا نراها ، أيقونة لتوحيد وجدان السودانيين بتنوعهم العرقي والثقافي والجغرافي .
​ويقول الباحث السوداني في فن الطمبور، عبد الرحمن الحسينابي ، لوكالة "سبوتنيك"، "وفقا للمعاجم العربية ترجع بدايات الطمبور إلى بلاد فارس القديمة (إيران حاليا وأجزاء من بلاد محيطة) ، لكن وجدت الآلة مرسومة في مواقع أثرية عديدة في شمال السودان التي كانت معبرا ليصل إلى إثيوبيا وإريتريا في شرق أفريقيا إمتدادا حتى وسط القارة السمراء".
ويضيف الحسينابي أن "الطمبور موجود في كل أنحاء السودان إلا أن أسماءه تختلف من منطقة لأخرى ، وهو في الشمال يعتبر الآلة الموسيقية الرئيسية حيث إرتبط إرتباطا وثيقا في هذه المنطقة بإيقاع (الدليب) ، المأخوذ إسمه من أشجار عالية موجودة في غرب السودان ، وتجلب إلى شمال السودان ، ويصنع منها (الفنادك) الضخمة التي تستخدم في طحن الغلال وعمل المواسير لتمرير المياه من جهة لأخرى، وقام هواة الطرب بصنع آلات إيقاعية من خشب هذه الأشجار وتُجَلَّد بالجلد ويضرب عليها إيقاعا سريعا، إصطلح عليه فيما بعد بإيقاع الدليب".
​ويستدرك الحسينابي، قائلا "رغم إشتهار الطمبور بإيقاع الدليب إلا أنه يعزف الإيقاعات الأخرى التي تستخدمها بقية قبائل السودان من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه القديم ومن أقصى شرقه إلى أقصى غربه".
وأشار الحسينابي إلى أن فناني الشمال قديما كانوا يستخدمون الإيقاع فقط مع الغناء وأشهرهم عبد الرحمن بلَّاص، إلا أن الموسيقي الشهير النَّعَّام آدم ، يُعد أول فنان ظهر في الإعلام يستخدم الطمبور مع إيقاع الدليب في الغناء ومن ثم جاء تلاميذه من بعده وأشهرهم إسحق كرم الله ، ومحمد جبارة ، ومحمد كرم الله ، وصديق أحمد وغيرهم إلى يومنا هذا.
ويرى الحسينابي أن فناني الطمبور، آثروا أن يستغلوا بأسلوبهم في الغناء بعيدا عن مدرسة النَّعَّام آدم ، مثل عثمان اليمني وعيسى بروي من قبيلة (المناصير).
​بساطة الطمبور، جعلت الكثيرين من السودانيين، يتقنون صنعه خاصة أنه لا يحتاج إلى وقت طويل لصناعته .
أن الطمبور، يتكون في الأساس من القدح والجلد والعصي ، وهذا القدح ويسمى "الدبكر" الذي يُكوِّن ظهر الطمبور ، وينحت من جذوع أشجار الحراز أو الهجليج أو الموالح، ويأتي هذا القدح منحوتا إما من غرب السودان أو وسطه أو شرقه ، وهي أقداح كانت تستعمل في الأصل للأكل فيها قديما ولها ثلاثة مقاسات؛ كبير ويخرج صوتا رخيما ، ووسط وصغير يخرج صوتاً حادا ، وهذا يسمى "الكلنكيت "، وأحيانا عندما لا يتوفر قدح الخشب تستعمل أقداح من المعدن ، ثم المكون الثاني وهو الجلد الذي يُجَلَّد به واجهة الطمبور ، وتصنع به ثقوب لإنفاذ الصوت ، وجلود الأبقار المحلية أفضل من المهجنة .
والمكون الأساسي الثالث هو العصي وتكون ثلاث قطع ؛ إثنان "قوائم" ، والثالثة تسمى "العراضة"، وهي التي تشد عليها أوتار الطمبور .
​وأضاف "ثم يوضع (الطرور) وهو كبري في مقدمة الطمبور توضع عليه بداية الأوتار ، ثم شداد الأوتار ، ويصنع من قماش الدمورية القطني وتسمى (الدلاقين) ، ثم تأتي الأوتار والتي تصنع من السلوك المعدنية الرفيعة ، والحزام ويستخدم لتثبيت اليد ، ثم الريشة . كلما كان الطمبور من المواد المحلية كان صوته جميلاً ، لذلك يرى أن الطمبور الكهربائي الحديث اختلف صوته عن الصوت الطبيعي".
ومن جهته يقول أستاذ الموسيقى ، بجامعة "السودان للعلوم والتكنولوجيا"، محمد آدم ترنين، لوكالة "سبوتنيك"، إن "الطمبور معروف في العديد من دول العالم منذ قديم الزمان لا سيما في الحضارة اليونانية باسم (كِسارا) وفي الحضارة النوبية باسم (كِسِر)".
ويرى ترنين، أن" إيقاع الدليب الذي إشتهر مع الطمبور في السودان ، هو إيقاع قديم موجود حتى في الحضارة اليونانية، وقد إنتشر في أوروبا مؤخرا من خلال الهجرات المتبادلة ، وقد ألف عليه مؤخرا الموسيقار العالمي (ياني) ، إحدى مقطوعاته الموسيقية .
ويؤكد ترنين أن "الطمبور ،إانتشر من منطقة وادي النيل إلى معظم أنحاء القارة الإفريقية مع إختلاف مسمياته . وفي السودان تتعدد مسمياته بتعدد المناطق إلا أنه يلاحظ الاشتراك في حرفين هما الراء والكاف؛ ففي شرق السودان يسمى (باسنكو)، وفي النيل الأزرق عند قبائل (الأنقسنا) يسمى (أبنقرن) ، و (كنجن) و (كاسندي) في مناطق جبال النوبة، و (أم بِري بِري)، عند قبيلة (الحوازمة) وشمال كردفان ، وفي الجنوب يسمى (طوم) لكنه طويل القوائم ويعزف بآلتين الأولى باص والثانية ليد".
​وعبر ترنين عن أسفه الشديد لتوقف تدريس آلة الطمبور في كلية الموسيقى بالسودان ، حيث كان هذا الأمر مزدهرا في الفترة الماضية إلا أنه لقلة الإمكانات وتقلص الميزانية توقفت"، ويشير ترنين ، بأنه "لابد من المحافظة على هذه الآلة بشكلها الحالي ، كما هي وعرضها عالميا دون تغيير وهذه تعتبر قمة العالمية".
ويلفت ترنين إلى أن الطمبور ارتبط بكل الإيقاعات المنتشرة في كافة أنحاء السودان وليس بإيقاع الدليب فقط، كما أنه ليس خاصا بقبيلة محددة، كما هو مشاع عند قبيلة (الشايقية) بشمال السودان، ولكن في الإعلام ظهر الطمبور من مناطق الشايقية، وإذا نظرنا إلى فناني الطمبور والدليب عموما في مناطق الشمال، نجد أن معظمهم ليسوا من الشايقية وفي مقدمتهم رائد هذا الفن النَّعَّام آدم".
ويختتم ترنين، بالقول إن "خصوصية الطمبور تكمن في إرتباطه بالسلم الخماسي ، وحتى الموسيقيون الأوروبيون عندما خاضوا تجربة الطمبور لم يغيروا فيه شيئا وأخذوه كما هو في بيئته المحلية ، ولاحظنا أن البعض حاول إدخال تغييرات على الطمبور وأضافوا له وترين لتوفيقه مع السلم السباعي لكنه فقد خاصيته 
ونغماته الدافئة التي تميزه عما عداه من آلات موسيقية".
















⚜المصدر 🔸️الملكة 🔸️سبوتنيك 🔸️Google⚜

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهودج ( الشبرية )

إعداد : أ. ماريا عبدالله   أ.علوية كرم الله  الهودج أو الشبرية :                                        هو / هي عبارة عن منزل مترحل أوغرفة صغيرة علي ظهر الجمل"الإبل"  أو الثور أو الفيل عند الهنود . يصنع من الأقمشة القوية"السميكة" الملونة بالألوان الزاهية .ويشد علي أعواد قوية ويربط علي سرج الإبل أو الثور .  ويستخدم عند العرب الرحل مثل البقارة أو الأبالة في كردفان  (غرب السودان) ، يستخدم لحمل النساء والأطفال وكبار السن داخله لحمايتهم من تقلبات الطقس المختلفة ويوفر لهم الراحة من طول الطريق والتنقل من منطقة إلى  منطقة أخرى ، كما يستخدم في ترحيل  العروس ، و عادة ما يكون مغلق بالكامل .  وفي الماضي إستخدم في  الحرب كما حملت فيه السيدة عائشة رضي الله عنها ذكر في قصة الإفك .    يصنع الهودج  من حطب شجر الشحيط ،  يتم ربطه بجلد الإبل ، المفارع والجربان والظبا وايد القايقة والوسادة .  وتختلف تسميته عند العرب البدو يسمي المركب ا...

بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت .. الشاعر و الدبلوماسي/ محمد المكي إبراهيم

إعداد أ.عواطف إسماعيل  مؤسس مجموعة الغابة و الصحراء الشاعر و الدبلوماسي محمد المكي إبراهيم بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت ... يعتبر الشاعر والدبلوماسي  / محمد المكي إبراهيم من أبرز مؤسسي مجموعة الغابة والصحراء ، التي ترمز إلى الإنتماء العروبي والأفريقي ، ويعتبر المكي أن مدرسة الغابة والصحراء تعتبر حلا لجدل الإنتساب الذي شغل السودانيين كثيرا خصوصا وأن البعض يرى أن السودان بلدا عربيا في ما يرى البعض الآخر انه بلد أفريقي . ولد الشاعر الدبلوماسي الذي غادر هذا المجال بعد صعود ثورة الإنقاذ إلى سدة الحكم ، في مدينة الأبيض بغرب السودان عام ١٩٣٩م . وتخرج في كلية القانون بجامعة الخرطوم ، ليلتحق بعد ذلك بوزارة الخارجية التي عمل بها لثلاثين عاما ، ثم تركها ليهاجر ويستقر به الحال في الولايات المتحدة الأمريكية . نال محمد المكي إبراهيم العديد من الجوائز ، أهمها وسام الآداب والفنون عام ١٩٧٧م ، كما ترجمت دواوينه إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية . وقد صدرت له أربعة دواوين شعرية هي : * (أمتي)  ١٩٦٨م * ( بعض الرحيق انا والبرتقالة أنت) عام  ١٩٧٢م   * ( يخت...