🔹️إعداد : أ.عواطف إسماعيل
إثراء للساحة الأدبية والثقافية رغم الرحيل المبكر
عرف الشاعر الراحل الشاب محمد عبدالحي أحد أعضاء مدرسة الغابة والصحراء ، بتعدد أنشطته الأدبية والثقافية ، فقد كان شاعرا وكاتبا وناقدا ثم أستاذا جامعيا لا يشق له غبار ، حيث أثرى الساحتين العلمية والأدبية بكم هائل من الشعر والأدب والنقد رغم سنوات عمره القصيرة .
المولد والنشأة 🔷️
ولد محمد عبد الحي في الخرطوم بالسودان في١١ أبريل من عام ١٩٤٤م ، من أسرة كانت تهتم بالتعليم ، فخاله سعد الدين فوزي كان أول عميد لكلية الإقتصاد بجامعة الخرطوم حين سودنتها في عام ١٩٥٥م ، وجده لأمه إسماعيل كان يكتب الشعر .
وكان والده عبد الحي يعمل مهندساً في مصلحة المساحة كثير التنقل في مختلف أقاليم السودان مصطحبا معه عائلته بما فيها الصبي محمد الذي ترعرع في هذه البيئات المختلفة مما انعكس لاحقا في أشعاره . ووالدته هي السيدة عزيزة إسماعيل فوزي التي قالت عن نشأة إبنها «لقد كان إبني منذ نعومة أظفاره مولعاً بقراءة مجلة الصبيان ومجلات الأطفال الأخرى التي ترد من الخارج ... وكان يكتب في الصحف الحائطية ...
وحينما صار صبياً كان يكتب بعض الأبيات الشعرية المتفرقة عن الحياة والطبيعة إلى أن عرف والده بذلك ونهاه عن كتابة الشعر حتى لا تؤثر على مستواه الدراسي ، لكن محمد كان يخفي كتب الشعر وسط كتبه المدرسية» ، وذكر والده «أنه سمح له بالكتابة بعد أن زارهم جمال محمد أحمد ، صديق الأسرة الذي كان يعمل سفيرا للسودان لدى لبنان ، وأخبرهم أن عدداً من المثقفين اللبنانيين يسألون عن محمد عبد الحي وأن كتاباته تثير ضجة في الأوساط الأدبية .
تزوج الشاعر محمد عبدالحي من الدكتورة عائشة السعيد عضو مجلس السيادة حاليا وله منها أربعة أبناء .
أستاذ الأدب المقارن 🔷️
عين الشاعر الراحل محمد عبدالحي بعد تخرجه من جامعة الخرطوم عام ١٩٦٧م ، مساعدا للتدريس في شعبة اللغة الإنجليزية ثم إستاذا للأدب المقارن والأدب الإنجليزي في جامعة الخرطوم ، في مطلع السبعينيات من القرن الماضي وهي المهنة التي ظل يمارسها حتى وفاته ، كما عمل مقدم برنامج في الإذاعة السودانية تحت عنوان (أقنعة القبيلة) في الفترة ذاتها .
العودة الى سنار 🔷️
تعرف الناس على الشاعر محمد عبدالحي أكثر و إزدادت شهرته ، عقب دخوله جامعة الخرطوم ومشاركته في المحافل والندوات داخل الجامعة وخارجها كما كان يكتب في الصحف والمجلات الحائطية وفي الصحف السودانية المختلفة .
وفي عام ١٩٨٣م نشرت له قصيدته ( العودة إلى سنار) التي أثارت ضجة في صحيفة الرأي العام السودانية ، ومن ثم تم نشرها في مجلتي الشعر المصرية اللبنانية ، لتنتشر في الوطن العربي قاطبة ، وقد كتبها عبدالحي عندما كان في الثامنة عشرة من عمره .
أعماله الشعرية والأدبية 🔷️
من ضمن أعمال محمد عبدالحي الشعرية (حديقة الورد الأخيرة ) ،كما ألف العديد من الكتب والدراسات باللغتين العربية والإنجليزية مثل كتاب(الرؤيا والكلمات )
حول شعر التيجاني يوسف بشير .
وفي قصيدته العودة إلى سنار يقول :
افتحوا الأبواب للعائد الليلة ..
أبواب المدينة ..
بدوي أنت ؟ لا ..
من بلاد الزنج ؟ لا ..
أنا منكم تائه .. ..
عاد يغني بلسان ..
ويصلي بلسان .. ..
من بحار نائيات ..
لم تنر في صمتها ..
أحلام الموانئ ..
مرضه و وفاته 🔷️
أصيب الشاعر الراحل محمد عبدالحي في عام ١٩٨٠م بجلطة دماغية ، أدت إلى فقدانه الذاكرة حيث ضاع علمه كما ضاعت جميع اللغات التي كان يعرفها بما في ذلك اللغة العربية ، وأجريت له عملية جراحية في القلب عام ١٩٨٠م في لندن ، حيث تماثل للشفاء جزئيا وبدأ يتعلم القراءة والكتابة من جديد ، وأبدى في قوة إرادة مكنته من تجاوز مرحلة الإعاقة وأعيد إلى وظيفته في الجامعة ، بيد أنه وفي عام ١٩٨٧م أصيب بالجلطة مرة أخرى ، أثناء وجوده في مدينة مانشستر البريطانية أدت إلى شلل في أطرافه ، وفي يونيو عام ١٩٨٩م تعرض مرة أخرى للمرض ونقل إلى مستشفى سوبا الجامعي ، وفي الثالث والعشرين من أغسطس عام ١٩٨٩م توفي الشاعر الشاب محمد عبدالحي وهو في السادسة والأربعين من عمره .
تعليقات
إرسال تعليق