بقلم 🖋 الدكتور/ الصادق عبدالله
صناعة الآبريه.. أو الآبريق بلغة أهلنا النوبيين.. وتسمى الحلو -مر لمذاقها المميز..
ويرجع تاريخ او انتاج لها حسبما ذكرته الوسائط الى عهد السلطنة الزرقاء او بداية عهد التركية السابقة
وقد ذكر ان منشأها مدينة بربر.. ومعلوم ان بربر كانت مركز القوافل والمراكب العابرة على طول النيل
او قوافل الحجيج الى مكة عبر البحر الاحمر..
وقد كان نوع من الابريه اقرب للكسرة يؤكل منقوعا وتصاف له الشطة والملح يمثل وجبه رئيسية لجنود المهدية.. (راجع كرري للمرحوم الرائد عصمت حسن زلفو).
هذا في حين ان الكسرة الرهيفة(السنسنة) رصدت في كتاب طبقات ود ضيف الله، حيث تبناها الشيخ محمد ود ادريس ود الارباب.كطعام رسمي في مسيده بدلا عن العصيدة..
وقد اضاف للملاح البهارات الكسبرة والكمون. كذلك رصدت الكسرة في ذات كتاب الطبقات حيث قدمها الشبخ عووضة لجام القارح في سنة ام لحم (سنة المجاعة) حيث باع حصانه واشترى الف لفة سنسة قدمها للمساكين..
اما الكسرة العصيدة (اللقمة) لا تزال تقدم في المسايد (كلمة مسيد لا تزال مستخدمة في تركيا).. اشهر من قدم العصيدة كطعام رسمي هو الشيخ حسن ود حسونة .. حيي تتكون وجبته لضيوفه من مئات القداحة .. تخرج في موكب منظم..
وللاسف ان العصيدة لم يتم تطويرها خاصة في المسايد والخلاوي. فالطريقة التي تجهز بها (تساط ..والصور كثيرة منشورة في الوسائط). وقد نقل بعض تلاميذ الخلاوي انهم يسمونها (فنادحشا).. اي فطيرة..ناشفة (من الايدام).. دراش.. يعني دقيقها غير جيد الطحن.. حارة (ساخنة بصورة مزعجة).. وكمان شوية لعدد التلاميذ..
عموما العصيدة بصورة عامة يمكن ان تستقبل كثير من المصافات الغذائية ومن اهمها البروتين.. يمكن ان ترفع قيمتها من البروتين باضافة دقيق الصويا او الفاصوليا البيصاء اي البغوليات الاخرى المناسبة.
او تضاف لها عناصر غذائية من نوع الفيتامينات .والالياف او المكملات الاخرى.. هذا دون ان تفقد طعمها وقوامها.. ومعلوم ان قوام العصيدة يتراوح بين قريب من المديدة السائلة الى قوام الكتلة الصلبة.. بعضهم يفضلها كالنوع الاخير..
المسالة السارة ان العصيدة وجدت تطور ا في جانب أخر هو صناعة الادامات (الملحات) وهي التي تضيف قيمة غذائية للوجبة..
هناك اطعمة سودانية جديرة بالرصد مثل خميس طويرة، البوسيب، البليلة ، العبود، الوينا والبليلة وغيرها.
وهنا اشير الى ان هناك الآبريه الأبيض الذي يصنع من عجينة ناعمة مصفاة الذرة البيضاء (القصابي ونحوه)..
ايضا تضاف لها بعض البهارات.. وتشرب مثلجة بكامل محتوياتها.. لعمري يحتاج الآبريه الأبيض الى اضافة صمغ عربي او نشا بما يكفي لصناعة عالق ..يحول دون طفو او حتى ترسب رقائق الآبريه الأبيض في ادنى الإناء..
الآن دخلت إلى عالم الخلاطات والتلوين..
أما الآبريه فيوصف بأنه رقائق مصنوعة من عجينة تتكون من خليط طحين زريعة الذرة (حبوب ذرة نابتة) وأجزاء من الطحين الطازج.. ويخمر الخليط بعناية ..
وقد اوردت دراسات العلامة حامد درار في الاطعمة السودانية المخمرة ان طريقة تخمير الزريعة مع طحين عادي تؤدي الى نشاط ميكروبات معبنة تفرز انزيمات تشمل المالتيز وغيره والتي بدورها تؤدي الى انتاج سكريات ..
يضاف إليها بعض النكهات من عرق قرنجال وحلبة وكمون اسود. واصبحت مؤخرا يضاف لها الكركديه لاكساب لون اغمق والعرديب (التمر هندي) لاكساب طعم لاذع..
يشار الى ان عملية التزريع (الانبات) والتخمير اللاهوائي الجزئيتين تنتجان انزيمات ثم سكاكر واحماض ..ولا تنتجان كحولات كما هو معلوم في عملية صناعة الخمور والبيرة..
تطلى عجينة الآبرية على سطح ساخن (كانت الدوكة الفخارية هي المثلى.. التي استبدلت بالصاج الحديدي بعد اكساب سطحه مادة التيفال لكيلا تلتصق العجينة ، وذلك بطلاء الطايوق وعجينة السمسم في الصاج حتى يكسب لونه الاسود اللامع).
وعند طلاء العجينة في عملية العواسة (بالقرقريبة المعروفة) بطريقة فنية.. تنتج رقائق الحلو مر.
وعندما تتارض العجينة في السطح الساخن تتعرض السكاكر للاحتراق الجزئي الذي ينتج الكراميل (سكر محروق) ذا اللون البني الغامق. اما الاحماض فتتركز بتبخر الماء عنها..وهي اةتي تعطي ااطعم اللاذع..
تفرد شرائح الحلو مر على سطح لكي تبرد.. وتجف (برش او عنقريب)..
في مراحلها الاخيرة للتجهيز بعض الابريه يطبق بينما هو رطب لكي يعبأ في حاويات من السعف (كابدلو) او صندوق من الكرتون او مجوز من صفيحاو حتى في كيس من قماش الدمورية..
وبعضه يكسر الى اجزاء صفيرة نوعا..
يتم تجهيز مشروب الحلو مر بنقع الشرائح في الماء.. ويوزن تركيز المحلول حسب الرغبة.
ويضاف له السكر حسب الرغبة.. ويقدم مثلجا..
ومشروب الحلو مر هو مشروب ارواء بامتياز على قول صحفي اليوم..
لاحتوائه على السكريات الاحماض والاملاح الذائبة..
ويشار الى ان تركيبة ملم التروية بد اكتشفت مؤخرا بعد ان كان مشروب التروية يتكون مز سكر الجلكوز المذاب فقط..وبعد اضافة الملح لسكر الجلكوز انقذت ملايين الانفس.. خاصة الاطفال..
لا شك ان مشروب تروية الحلو مر قد انقذ ارواح كثير من السودانيين.. ويعتبر حاليا الحلو مر مشروب إرواء طبيعي خال من الكيماويات والمواد الحافظة..
![]() |
تعليقات
إرسال تعليق