أ. د . حسن عبيد
يدور جدل بيزنطي فى الساحة السياسية هذه الأيام حول العلمانية ، كشرط لتوقيع أحد فصائل حملة السلاح على إتفاقية السلام . و هو مطلب هدفه ممارسة ورقة الضغط على الحكومة الإنتقالية . و العلمانية ما هى فى إعتقادي إلا تيار فكرى برز فى الغرب في نهاية القرن السابع ، ينبئ بتراجع الدور المجتمعي للكنيسة ، بسبب حركة مارتن لوثر الذى وضع الحدود الفاصلة بين الكاثوليكية و البروتستاندية ، إرتفعت بسببه الأصوات تطالب بإبعاد الكنيسة عن الواقع الإجتماعي ، الذى ينبغي أن تتولاه الدولة ، مادامت الدولة قادرة على إشباع حاجات أفراد المجتمع الضرورية و هو ما أكد عليه لاحقا رواد مدرسة العقد الإجتماعي توماس هوبز و جون لوك ، بدعوتهم بضرورة أن تحل الحكومة محل السلطة . الكنسية و إن من يحكم عليه الإلتزام بإشباع حاجات الناس و الا يمكنهم عزله بناء على وثيقة العقد المبرم بين الحاكم و الشعب ، كما أن الكشوف الجغرافية و سعت مدارك الأوربيين فى بدايات عصر النهضة و ظهور الحملات الإستعمارية . و مع زيادة عدد المدارس و الجامعات برز التفكير العلمي الذى بشر به تشارلس دارون و نيوتن فتراجع دور الدين فى أوروبا و صارت الكنائس مزارات سياحية أشبه بالمتاحف ، بما يشير أن العلمانية ما هى إلا حركة فكرية وجدت من يروج و يحولها إلى دعوة تبشيرية تدعو لرفع راية التفكير العلمي مع تنامي بعد الدين عن الواقع المعاش . و هذه الدعوة ألقت بظلالها بعد سقوط الدولة العثمانية ، و حمل لواءها أتاتورك في تركيا ، فصار الأب الشرعي للعلمانية الشرق أوسطية بسبب سيادة الحكم التركى لمصر .
نخرج مما تقدم ليس هناك علاقة بين العلمانية و الحرية الدينية لأن معظم دول الغرب تناصب العداء للإسلام و المسلمين بما يفيد أن العلمانية كحركة فكرية لاترحب كثيرا بالأديان .
تعليقات
إرسال تعليق