التخطي إلى المحتوى الرئيسي

من يدفع مهر الديموقراطية ..

 ✍الطاهر إدريس  

اتمنى من أعماق قلبي أن يأتى اليوم الذي يتوحد فيه هذا الشعب السوداني من أقصى اليمين العريض و كذلك من أقصى الشمال المحدود عددا و الأقوى حركة في الشارع السوداني ... حتى يرتاح هذا الوطن الكبير الذي يسع كل شعوبه من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال ، من هذه الفوضى السياسية العارمة المدمرة للحمة النسيج الإجتماعي و المجتمعي الإنساني السوداني والضاربة بأطنابها في كل ركن من أركان هذا الوطن ...

علينا أن نقول الحق في أنفسنا أولا، الحق من أجل الوطن أولا و أخيرا... الحقيقة الماثلة أمامنا بشأن هذا الوطن هى بينة ولا تحتاج لتجميل أو أن نلوي عنق الحقيقة و ندحض الحق بالباطل.. و بالواضح ... شاء من قبلها مني أو أبى من لم يقبلها... لا خير في كل جماعات و أحزاب أقصى اليمين و لا خير البتة في كل جماعات و أحزاب الوسط ممن لا حول و لا قوة لهم و جماعات أقصى اليسار من زعماء أهل البلطجة السياسية.. ما دام الكل منهم يتخذ من مغامري العسكر في كثير من الأحيان و في حالات المواقف الكيدية ، ملجأً وملاذٍا آمنا عندما لا يستطيع أن يدفع مهر الديموقراطية وحينما يعجز في المحافظة على بقاء و إستمرارية الدولة المدنية ..

كل هذه المجموعات السياسية السودانية و معها حاضنتها العسكرية الراتبة بالمغامرات الإنقلابية ضد الدولة المدنية، لا توجد فروق بين هذه االمجموعات
و أن بيئتها التكوينية واحدة و أنهم جميعا من طينة سياسية سوداء واحدة في قذارة رائحتها و في خشونة ملمسها... كلهم مرتزقة... قتلة مأجورين... لا يخافون من أي وازع من دين؛ كلهم يدينون بالفكر الميكافيلي و هو أساس عقيدتهم التي يتعبدون بها.. الغاية تبرر الوسيلة... إن دعتك قدرتك على ظلم وقتل كل الناس من المناوئين لك في الفكر والرأي وذلك بغير الحق... فأقتلهم جميعا ولو كانوا مليونا من البشر الابرياء، و بالمثل و بنفس منهج الغاية تبرر الوسيلة يبررون لأنفسهم إرتكاب و ممارسة كل أفعال الفاحشة و الرزيلة .. علنا وجهارا نهارا..!.

لذلك أن هذا السودان الكبير سيظل يعاني أولا و أخيرا من أهله و بدون تحديد أو تمييز بين كل شعوبه، و سوف تستمر تتناقص أطرافه إلى أن يتلاشى هذا الإسم (السودان) ومن ثم يتحول إلى تعريفات وتسميات جهوية وربما إلى تسميات قبلية و عرقية و من ثم نكون قد تخلصنا من كل الادعاءات والاتهامات المتبادلة بين بعضنا البعض في المناداة بالعنصرية و كل معاناة أفعال التمييز العنصري من مثال... هؤلاء عرب و أولئك زرقة...

متى تجئي لحظة الإحساس الحقيقي بقيمة الوطن؟!
متى تأتي لحظة الإحساس الحقيقي بالخوف من زوال هذا الوطن؟!

هل هناك من يتخيل كيف يعاني كل اللاجئين الذي هربوا باجسادهم من عمق أوطانهم و يعيشون الآن في ضيق نفسي قاتل وفي هواجس مظلمة خوفا من المجهول؟!

أين منطق الفكر العقلاني اذا وضعنا في الميزان الجيوسياسي حال مجريات الأحداث في هذا السودان اليوم..! و حينما نرى دولا في محيطنا الجيوسياسي كانت تعيش في أمن وأمان وسلام مع نفسها ومع جيرانها..دعونا نسأل هذه الدول سؤالا مباشرًا... يا ليبيا..كيف حال أوضاعك الداخلية الآن.. يا سوريا..يا عراق..يا لبنان..يا أيها اليمن السعيد.. يا الصومال (الصواميل التي تفككت إلى خمس أقاليم و قابلة حتى الآن للزيادة في التفكيك ومنها على سبيل المثال: جمهورية الصومال...أرض الصومال... بُنت لاند ... جنوب غربي الصومال ... جوبا لاند)...

سؤال : هل من الممكن أن يلحق السودان بحال ما وصل إليه الصومال الآن؟!

هل وصلنا بهذا السودان الآن إلى مستوى الدولة الفاشلة؟!

هل وصلنا بهذا السودان الآن إلى مستوى دولة الاطماع؟!...
إلى حالة دولة تتكالب وتستأسد عليها دول صراعات المصالح الدولية الكبرى وتلك الإقليمية الصغرى للسيطرة التامة والكاملة على الثروات والموارد الطبيعية التي ينعم بها هذا السودان؟!

نحن هذا الشعب السوداني بكل تكويناتنا الاجتماعية الإنسانية؛ بكل دياناتنا والاعراف من المعتقدات التقليدية، بكل اثنياتنا وقبائلنا، جهوياتنا، وبكل احزابنا السياسية بمختلف احجامها، وبكل وحدات قواتنا العسكرية وكل مجموعات الكفاح المسلح السودانية...
نحن جميعنا.. ومن غير أن  نحمِّل المسؤولية لجهة بعينها ؛ نحن من سوف نتحمل كل اوجاع حدثت وقد تحدث لاحقا لهذا الوطن الكبير... نحن من نتحمل كل مكروه قد يحدث لهذا الوطن..جميعنا سوف نكون شركاء لا اجراء من المرتزقة في مسألة تحديد مصير هذا الوطن السودان...

نحن هذا الشعب السوداني كافة وعامة ، من نختار وضع السيناريو النهائي لهذا الوطن.. إن كان خيرا او سيكون شرا ... ان يكون هذا الوطن أو لا يكون..!!!

قولوا الحقيقة و بلا استكبار او دفن الرؤوس في الرمال.. قبل أن تقع الفأس في الرأس... و حيث لا ينفع الندم بعد وقوع الفأس في الرأس...

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهون أمر هذا السودان...

الله المستعان وهو أعلم بما تخفيه الأنفس وما في الصدور .



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزياء الشعبية السودانية - الزي الرجالي

بقلم / سناءحامد إلياس  تختلف أشكال الزي الرجالي   بإختلاف الأقاليم و المناطق داخل السودان و لكن حديثنا سيكون عن الزي المتداول على أوسع نطاق .                     ( الجلابية  ) تصنع من القماش و هي فضفاضة ذات أكمام واسعة و ذلك لدخول الهواء و التبريد و جيوب على الجانبين و ذات فتحة أمامية و تغطي كامل الجسم بقامة الرجل . تتشابه في كثير من أقاليم السودان و أيضآ الغالب الأعم فيها اللون الأبيض قديما و قماشها قطني . فالسودان كما هو معروف يقع في منطقة حارة تحتاج إرتداء الأزياء القطنية التي تناسب هذه الأجواء . و هناك نوع آخر من الجلاليب  تثبت عليه الجيوب أعلى الصدر و الظهر ، و تبدو الجهتان الأمام  والخلف بنفس  الشكل ، و لهذا حكمة فعندما ينادى للنفير الذي يستوجب سرعة الإستجابة  فيرتديها الرجل بسرعة لتلبية النداء و يكون وضعها صحيحا . و هناك لباس آخر هو :                   (العلى الله) و هي عبارة عن قميص أقصر من الجلابية ،   ومعه سروال يصل إلي أخمص ...

قصة أغنية.. عشرة الأيام

 إعداد/ وصال صالح  تعتبر أغنية (عشرة الأيام) من روائع الغناء السوداني الحديث ومن أجمل الألحان التي قدمها العملاق عثمان حسين مع رفيق دربه الشاعر الفذ عوض أحمد خليفة.. خطوبة شاعر ولعشرة الأيام تحديداً قصص وحكاوي سردها فيما مضى الراحل عوض أحمد خليفة، إلا أن النواة الحسية والمعنوية لميلاد (عشرة الأيام) كانت خطوبة شاعرها من إحدى حسناوات أمدرمان التي أعجب بها إيما إعجاب، وبعد أن تقدم أهل وذوو الشاعر بالخطوبة لتلك الملهمة تم القبول والتوافق بين الأسرتين، إلا أن هنالك مستجدات طفت على السطح وهي سفر خليفة لأوروبا في بعثة عسكرية تأهيلية وقتها أحس أهل المخطوبة بأن ذلك المشروع سيأخذ وقتاً طويلاً يحسب من عمر الفتاة، وبعدها ساقت المقادير الموضوع برمته إلى هاوية الفشل والضياع حتى تقدم أحد أقرباء الفتاة وتمت الخطوبة ومن ثم الزواج وكل ذلك وعوض بأوروبا لذلك قال في بعض أبيات القصيدة (ليه فجأة دون أسباب ومن غير عتاب أو لوم – اخترت غيري صحاب وأصبحت قاسي ظلوم).. ترجمة (لايف) الأغنية كانت بمثابة شاهد إثبات على حساسية عوض الشاعرية العالية وإمكاناته الفنية المهولة فقد كتب الأغنية ولحنها وغناها وهو...

مرثية الشاعر /صلاح أحمد إبراهيم في صديقه الروائي / علي المك

معد المحتوى  / أ.عواطف إسماعيل/ لندن  الشاعر / صلاح أحمد إبراهيم  الشاعر الدبلوماسي صلاح أحمد إبراهيم ينعي صديقه   وصنو روحه البرفسور الروائي القاص والناقد علي المك  ولد علي محمد علي المك في مدينة أم درمان في ١٢ فبراير من عام ١٩٣٧م وتوفي في مدينة نيومكسيكو . تخرج في كلية الآداب جامعة الخرطوم وحصل على الدراسات العليا في جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية . الروائي/ علي المك  في هذه القصيدة  نعى فيها البروفسور صلاح أحمد  إبراهيم صديقه علي المك من ديوان (نحن والردي) مدينته الآدمية مجبولة من تراب يتنطس أسرارها واثب العين منتبه  الأذنين يحدث أخبارها هل يرى عاشق مدن في الحبيب أي عيب؟ مدينته البدوية مجبولة من تراب ولا تبلغ المدن العسجدية مقدارها تتباهى على ناطحات  السحاب بحي سما أصله لركاب فاح شذى من "على" حين غاب جرت وهي حافية، في  المصاب تهيل الرماد على رأسها  باليدين تنادي على الناس:  وآحسرتا ويب لي   ويب لي  فقدنا الأديب، فقدنا النجيب، فقدنا اللبيب، فقدنا "على" فقدنا الذي كان زين  المجالس، ز...